الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن تعمد الصلاة بغير وضوء مع وجود الماء والقدرة على استعماله فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر ـ نسأل الله العافية ـ بل ذهب بعض أهل العلم ـ وهم الحنفية ـ إلى تكفير من تعمد هذا الفعل، لدلالة هذا الفعل على استهزائه واستخفافه بالشرع، قال النووي في شرح المهذب: إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك، إلا أن يستحله. وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. دليلنا: أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: فالمسلم لا يصلي إلى غير القبلة أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب. انتهى.
ودلت بعض نصوص السنة الشريفة على الوعيد الشديد الذي يستحقه من أقدم على هذا الفعل المذموم، فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرَب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً، فجُلد جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه نارًا، فلما ارتفع عنه أفاق قال: علام جلدتموني؟ فقيل له: إنك صليت صلاةً واحدةً بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره. حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما من عدم الماء أو عجز عن استعماله فإنه يؤمر ببديل الوضوء وهو التيمم، لقوله تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ {المائدة:6}.
والله أعلم.