الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام الأمر قد تم على ما ذكرت، فإن هذا النكاح قد وقع صحيحاً مستوفياً أركانه، جاء في المغني لابن قدامة: مسألة: قال: وإذا قال الخاطب للولي أزوجت؟ فقال: نعم، وقال: للزوج، أقبلت؟ قال: نعم، فقد انعقد النكاح إذا حضره شاهدان. انتهى.
بالإضافة إلى أن الراجح من كلام أهل العلم أن النكاح لا تشترط له صيغة معينة، بل ما عده الناس نكاحاً فهو نكاح بأي صيغة كان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: ينعقد النكاح بما عده الناس نكاحاً بأي لغة ولفظ وفعل كان، ومثله كل عقد. انتهى.
وقال أيضاً: وما ذكره بعض أصحاب مالك وأحمد من أنه لا ينعقد إلا بهذين اللفظين بعيد عن أصولهما، فإن الحكم مبني على مقدمتين: أحدهما: إنما نسمي ذلك كناية وأن الكناية تفتقر إلى النية، ومذهبهما المشهور أن دلالة الحال في الكنايات تجعلها صريحة ويقوم مقام إظهار النية، ولهذا جعل الكنايات في الطلاق والقذف ونحوهما مع دلالة الحال كالصريح، ومعلوم أن دلالات الأحوال في النكاح من اجتماع الناس لذلك، والتحدث بما اجتمعوا، فإذا قال بعد ذلك ملكتكها بألف درهم علم الحاضرون بالاضطرار أن المراد به الإنكاح، وقد شاع هذا اللفظ في عرف الناس حتى سموا عقده أملاكاً وملاكاً. انتهى.
وأما عن أركان الزواج وشروطه: فقد سبق الحديث عن ذلك في الفتوى رقم: 1766.
ولسنا ندري مقصودك من قولك أنكما فسختما خطبتكما عدة مرات، فإن كان هذا بعد عقد النكاح وقد صدر من الزوج بلفظ الفسخ، فإنه يكون كناية في الطلاق، فإن قصد به الطلاق وقع، وإلا لم يقع، جاء في المغني: وكذلك لو قال: فسخت النكاح ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء. انتهى.
أما إن كان هذا منه بلفظ الطلاق، فإنه يقع ولو لم يقصد الإيقاع، وإذا وقع الطلاق فلا يمكن الرجوع عنه، لكن إن كان بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة، فإن الزوج يملك الارتجاع ما دامت العدة لم تنته، أما إن كان قبل الدخول أو الخلوة فإن الزوجة تبين من زوجها بمجرد الطلاق، وتصير مثل غيرها من الأجنبيات، وإذا أرادا التراجع فلا بد من عقد جديد مستوف لشروط صحة العقد، مع التنبيه على أن الزوج يملك على زوجته تطليقتين فقط، فإذا أوقع عليها الثالثة فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ويدخل بها ثم يطلقها، أما إن كان هذا الفسخ قد وقع قبل العقد فإنه لا عبرة به.
والله أعلم.