الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء الخطبة، نظراً لتعارض عموم الأمر بها في كل وقت دون استثناء، ولا سيما عند ذكر اسمه -صلى الله عليه وسلم- مع الأحاديث التي فيها الأمر بالإنصات أثناء الخطبة.
فقال أبو حنيفة: إن سماع الخطبة أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه يمكن إحراز فضيلة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير وقت الجمعة، ولا يمكن إحراز فضيلة سماع خطبة الجمعة في غير وقتها.
وذهب أبو يوسف (من الحنفية): إلى أنه يُصلي في نفسه دون أن يجهر، فإن ذلك لا يشغله عن سماع الخطبة، وليجمع بين الفضيلتين.
وقال المالكية: إن من أقبل على الذكر وكان ذلك يسيراً، وفي نفسه دون جهر، فلا بأس، وترك ذلك أحسن.
وأما الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي جائزة عندهم بلا خلاف إذا ذكر الإمام سبب ذلك، وكذلك التأمين عند دعاء الإمام، لكن بصوت منخفض.
قال في الفواكه الدواني: كما يجوز كل من التسبيح، والتهليل، والاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذكر أسبابها، قاله ابن عرفة. اهـ.
وقال الشافعية: يسن الإنصات للخطيب، ولا يجب، بل ذكر بعضهم جواز الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع، فقد قال في أسنى المطالب: وللمستمع للخطيب أن يرفع صوته بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.
وقال الحنابلة: وتباح الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذُكر، فيصلي عليه سراً، كالدعاء اتفاقاً، قاله الشيخ. انظر كشاف القناع.
والقول الراجح هو: أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند وجود سببها مشروعة، وأن الأحسن أن يكون ذلك سراً، وإنما رجحنا هذا لما فيه من الجمع بين امتثال الأمر بالإنصات، والأمر بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- عند ذكر اسمه مع عدم التشويش على المصلين.
أما الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- مع عدم ذكره من الخطيب، فالأفضل تركها، والانشغال بالخطبة.
والله أعلم.