الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن وجد إنسانا – سواء كان صديقا أو غيره -على معصية لله فعليه أن ينصحه ويخوفه بالله وبعقابه, وهذا واجب حسب القدرة لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فإن لم يستجب العاصي له وكان للآمر عليه سلطان فليمنعه ولو بالقوة، فإن لم يكن له عليه سلطان ففي ذلك تفصيل: فإن كان قد يئس من استجابته لكثرة ما ذكره بالله مع إعراض العاصي وإصراره على الإثم فعليه أن يهجره لأن هجر أصحاب المعاصي المصرين عليها من شعب الإيمان، وهو واجب أو مستحب على خلاف بين أهل العلم بيناه في الفتوى رقم:119581.
قال في الفواكه الدواني : وإنما يقتصر المكلف على هجران المجاهر إذا كان (لا يصل إلى عقوبته) أي لا قدرة له على زجره عنها إذا كان لا يتركها إلا بالعقوبة (ولا يقدر على موعظته) لشدة تجبره، أو يقدر لكن (لا يقبلها) لعدم عقل ونحوه، وأما لو كان يتمكن من زجره عن مخالطة الكبائر بعقوبته بيده إن كان حاكماً أو في ولايته أو برفعه للحاكم أو بمجرد وعظه لوجب عليه زجره وإبعاده عن فعل الكبائر، ولا يجوز له تركه بهجره، والحاصل أن المتجاهر بالكبائر لا يجب هجرانه مع بقائه على مخالطة الكبائر إلا عند العجز عن زجره. انتهى.
وإن كان يطمع في استجابة العاصي ورجوعه إلى الصواب فلا يهجره حينئذ وليداوم على تذكيره ونصحه ولكن بشرط ألا تظهر منه موافقة له على باطله, وبشرط ألا يصاحبه أثناء ارتكاب المنكر, وهذا كله مع الأمن من الفتنة فإن خاف أن يتأثر بصحبته أو أن يجره إلى المعصية فهنا يجب هجره والبعد عنه, قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية انتهى
وفي ضوء هذا التفصيل تستطيعين معرفة حكم ما فعلت حسب حالك وحال صديقتك هذه.
والله أعلم.