الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان أخوك ليس له دخل سوى ذلك المال الذي يحصل عليه عن طريق البطاقات المسروقة فلا يجوز لك ولا لأبيك الانتفاع به ولا الاقتراض منه أو غير ذلك من أنواع المعاملة لما في ذلك من التعاون معه على الإثم وأكل مال الغير بالباطل فهو لا يملك ما سرقه وليس له التصرف فيه بهبة أو قرض أو غيره، فمن عامله في ذلك عالماً فهو آثم ولو كان ينوي رد ما أخذه منه فقد نص أهل العلم على أن الآخذ من الغاصب أو السارق أو المعتدي مثلهم ما دام يعلم أنهم قد اعتدوا على حق غيرهم، قال عليش في فتاويه: مسألة في معاملة أصحاب الحرام، وينقسم مالهم قسمين أحدهما أن يكون الحرام قائماً بعينه عند الغاصب أو السارق أو شبه ذلك فلا يحل شراؤه منه، ولا البيع به إن كان عيناً، ولا أكله إن كان طعاماً، ولا لباسه إن كان ثوباً، ولا قبول شيء من ذلك هبة، ولا أخذه في دين، ومن فعل شيئاً من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده، ولزم ذمته.
ومن اقترض منه شيئاً مما بيده وعلم حاله فإنه لا يرده إليه بل يرده إلى صاحبه إن كان معلوماً فإن جهل صاحبه وتعذر الوصول إليه تصدق به عنه، قال النووي في المجموع: إذا اشتري شيئاً شراء فاسداً فباعه لآخر فهو كالغاصب يبيع المغصوب فإذا حصل في يد الثاني وعلم الحال لزمه رده إلى المالك ولا يجوز رده إلى المشتري الأول.
وأما إن كان لديه دخل آخر مباح واختلط ماله الحلال بالحرام، فقد تقدمت لنا فتوى في جواز معاملة مختلط المال، سيما إن كان الحلال هو الغالب، فراجعيها في الفتوى رقم: 6880، والفتوى رقم: 17296.
وعليك نصح أخيك وتذكيره بحرمة ما يفعله وخطورة عاقبته ليكف عنه وينزجر وعليه أن يرد ما أخذه من أموال أولئك الناس إن كان يعلم مقداره وإلا احتاط له فإن لم يستطع الوصول إلى أصحاب تلك البطاقات فعليه أن يتصدق بمقدار ما أخذ منها عن أصحابها، وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6856، 107093، 80342، 16538.
والله أعلم.