الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان زوجك على ما ذكرتِ من إكثار شرب الخمر فإنه مستمر على معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب والعياذ بالله تعالى، ولا شك في الضرر الذي يحصل للزوجة من ارتكاب زوجها لهذه المعصية، وعلى ذلك فإنه يشرع لك طلب الطلاق.
قال الشيخ ابن عثيمين: فإن شرب الخمر في الحقيقة لا يقتصر ضرره على الشارب، بل يتعدى إلى زوجته وأهله، فأحياناً يدخل على زوجته بالسكين ليقتلها، وأحياناً ـ والعياذ بالله ـ يأتي إليها يطلب أن يزني ببناته، ففي الحقيقة لو قيل بالمذهب في هذه المسألة لكان له وجه، فإذا عُرِف أن هذا الزوج يشرب الخمر فللبعيد من الأولياء أن يطالب بفسخ النكاح.
وقال أيضا: ولكن الحقيقة أننا إذا رجعنا إلى كلامهم هنا، وجدنا أن المذهب يجوِّز الفسخ لنقص الدين، كما أن ظاهر حديث زوجة ثابت بن قيس ـ رضي الله عنهما ـ أن خلل الدين يبيح للمرأة طلب الفسخ؛ لأنها قالت: «يا رسول الله، ثابت، لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام» ، فظاهر قولها أنها لو عابته بخلق ودين لكان لها الحق في طلب الفسخ، وهذا هو الصحيح عندنا، وهو الموافق للمذهب في هذا الباب. انتهى.
وإذا انضاف إلى هذا ما ذكرته من سوء عشرته وتركه لك الساعات الطوال وحيدة في البيت كان ذلك أبلغ في استحقاقك طلب الطلاق، وإذا ثبت لك الحق في المطالبة بالطلاق فإن تهديد الزوج بالشكوى لمحكمة أو نحوها إذا اعتبر إكراها فإنه يعتبر إكراها بحق لا يمنع وقوع الطلاق، علما بأن التهديد المذكور إنما يعتبر إكراها إذا غلب على الظن أن المشكو سيتعرض لأذى شديد من ضرب ونحوه، وقد سبق تفصيل حد الإكراه المانع من وقوع الطلاق في الفتوى رقم: 126302.
وبناء على ذلك فالطلاق الثلاث الصادر من زوجك يعتبر نافذا عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة سواء كان بكلمة واحدة أو متفرقا، وبذلك تحرمين على زوجك حتى تنكحي زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، وقال بعض أهل العلم: لا تقع إلا طلقة واحدة لكونه من الطلاق البدعي وراجعي فى ذلك الفتوى رقم: 109920.
والله أعلم.