الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على كل مسلم يقرأ كتاب الله تعالى أن يتدبر معانيه ويحافظ على حدوده كما يحافظ على حروفه وأن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقف عند متشابهه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من يجد، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى.
رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وجاء في أخلاق حملة القرآن للآجري عن الفضيل بن عياض قال: حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلهو، إلخ.
فإذا لم يعرف قارئ القرآن هذه المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة، فإن القرآن يكون حجة وشاهدا عليه لا له كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا {الإسراء: 82}.
وروى أنس بن مالك أنه قال: رب تال للقرآن والقرآن يلعنه، فإذا كان يظلم وهو يقرأ قول الله تعالى: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ {هود: 18}.
فإنه يلعن نفسه.
ولذلك، فإن الواجب على قارئ القرآن أن يمتثل أوامره ويجتنب نواهيه، وأن يداوم على قراءته، فسيكون ذلك عونا له على طاعة الله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، كما قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود: 114}.
وقال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى لما قيل له: إن فلانا يصلي الليل كله، فإذا أصبح سرق فقال: سينهاه ما تقول أو قال ستمنعه صلاته.
رواه أحمد والبزار وغيرهما بإسناد صحيح، كما قال الألباني.
والله أعلم.