الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن المجنون غير مكلف، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق. رواه أبو داود وغيره.
فلا يجب عليه الحج ولا العمرة باتفاق العلماء، وإن كان غنيا قادرا بماله.
قال في حاشية الروض: ولا يجبان –أي الحج والعمرة- على مجنون إجماعًا، ولا يصحان منه إن عقده بنفسه إجماعًا، لأنه لا قصد له، وقصد الفعل شرط. انتهى.
والاستنابة في الحج إنما تجب على القادر بماله إذا كان عاجزا ببدنه فيما إذا كان مكلفا وأما غير المكلف فلا يجب عليه شيء، وفي جواز استنابته قولان أصحهما أنه لا يستناب من يحج عنه وهو قول الجمهور.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: قد ذكرنا أن مذهبنا أن المريض غير المأيوس منه لا يصح استنابته في الحج وكذا المجنون لا يجوز استنابته في حج الفرض عندنا وبه قال أحمد وداود، وحكى أصحابنا عن أبي حنيفة جوازه في المسألتين قال: ويكون موقوفا فإن صح وجب فعله وإن مات أجزأه واحتج بالقياس على المعضوب قلنا المعضوب آيس من الحج بنفسه بخلاف هذا. انتهى.
واختار بعض الحنابلة أن الولي لو أحرم بالحج عن المجنون صح قياسا على الصبي غير المميز، والمعتمد في المذهب أنه لا يصح اقتصارا على النص فإنه إنما ورد في الصبي دون المجنون.
قال المرداوي في الإنصاف: لا يجب الحج على المجنون إجماعا لكن لا تبطل استطاعته بجنونه، ولا يصح الحج منه إن عقده بنفسه إجماعا وكذا إن عقده له الولي اقتصارا على النص في الطفل، وقيل يصح قال المجد في شرحه اختاره أبو بكر.انتهى.
والله أعلم.