الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتيمم لا يجوز إلا عند عدم وجود الماء أو عدم القدرة على استعماله لقوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا {النساء:43}.
ومن الأعذار المبيحة للتيمم خوف حدوث المرض، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: ولو كان مرضه يسيرا أو لم يكن به مرض فخاف حدوث مرض مخوف من استعمال الماء تيمم على المذهب، أو يخاف شدة الضنا.
انتهى.
وفي المغني للموفق: فصل: واختلف في الخوف المبيح للتيمم: فروي عن أحمد: لا يبيحه إلا خوف التلف، وهذا أحد قولي الشافعي وظاهر أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة أو تباطؤ البرء أو خاف شيئا فاحشا أو ألما محتملا، وهذا مذهب أبي حنيفة.
والقول الثاني للشافعي ـ وهو الصحيح ـ لعموم قوله تعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر.
ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو ضررا في نفسه من لص أو سبع أو لم يجد الماء بزيادة على ثمن مثله كثيرة، فلأن يجوز ههنا أولى، ولأن ترك القيام في الصلاة وتأخير الصيام لا ينحصر في خوف التلف وكذلك ترك الاستقبال، فكذا ههنا.
انتهى.
وبناء عليه، فإذا كنت تخشى أن تصاب بمرض، وكان يغلب على ظنك أنك إذا استعملت الماء مرضت جاز لك الانتقال من الوضوء إلى التيمم أخذا برخصة الله لعباده، فإنه تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإذا كنت تقدر على غسل بعض أعضائك من غير خوف ضرر لزمك أن تغسل ما قدرت على غسله ثم تتيمم للباقي، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}.
قال في كشاف القناع: وليس المراد بخوفه الضرر أن يخاف التلف، بل يكفي أن يخاف منه نزلة أو مرضا ونحوه ـ كزيادة المرض أو تطاوله ـ فيتيمم بعد غسل ما يمكنه غسله بلا ضرر، والمراد أنه يغسل ما لا يتضرر بغسله ويتيمم لما سواه مراعيا للترتيب والموالاة في الحدث الأصغر.
انتهى.
وأما إذا كان خوفك من حدوث المرض مجرد وهم، فلا تلتفت إليه، بل يجب عليك الوضوء.
والله أعلم.