الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاستعانة بالزوجة في الوضوء أو الغسل إن كانت في صب الماء فهي جائزة بلا كراهة وإن كانت في الدلك فهي مكروهة تنزيها.
قال النووي في شرح مسلم: قال أصحابنا الاستعانة فيه ثلاثة أقسام: أحدها أن يستعين في إحضار الماء من البئر والبيت ونحوهما وتقديمه إليه وهذا جائز ولا يقال أنه خلاف الأولى، والثاني أن يستعين بمن يغسل الأعضاء فهذا مكروه كراهة تنزيه إلا أن يكون معذورا بمرض أو غيره. والثالث أن يستعين بمن يصب عليه فإن كان لعذر فلا بأس وإلا فهو خلاف الأولى وهل يسمى مكروها؟ فيه وجهان لأصحابنا أصحهما ليس بمكروه لأنه لم يثبت فيه نهى، وأما استعانة النبي صلى الله عليه وسلم بأسامة والمغيرة بن شعبة في غزوة تبوك، وبالربيع بنت معوذ فلبيان الجواز ويكون أفضل في حقه حينئذ. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أن الاستعانة بالغير في الدلك في الغسل والوضوء لا تجوز إلا من عذر، وهذا مشهور مذهب المالكية، وقد قالوا بعدم صحة طهارة من استعان بغيره لغير عذر بناء على قولهم بوجوب الدلك. جاء في الفواكه الدواني: وأما العاجز عن الدلك بنفسه فإنه يجب عليه استنابة غيره فيما يصح له مباشرته فإن لم يقدر على الاستنابة سقط وعمم جسده بالماء، وإن استناب غيره مع قدرته عليه لم يصح. انتهى.
ومن ثم فالأحوط ترك هذا الأمر خروجا من الخلاف وإن كان الراجع ما قدمناه من أنه لا تبطل به الطهارة وأنه مكروه فقط، وأما غسل أعضاء الوضوء بعد الغسل فلا يجب بل إن غسل الجنابة يغني عن الوضوء كما أوضحنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 128234.
وأما استباحة المسح على الجوربين للمصاب بالسلس، فإنه إذا توضأ وضوءا صحيحا جاز له الترخص بعد ذلك بالمسح على الجوربين يوما وليلة إن كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليهن إن كان مسافرا ولا يضره ما خرج منه أثناء الوضوء أو بعده قبل لبس الجورب لأنه لا يؤثر في صحة وضوئه، فإن المعذور لا تبطل طهارته بحدثه الدائم وإنما تبطل بخروج الوقت أو بأن يحدث حدثا آخر سوى حدثه الدائم، وانظر الفتوى رقم: 1122، لمعرفة من يقوم بالفتوى في هذا الموقع.
والله أعلم.