الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث إذا توفرت فيه شروط الصحة المعروفة عند أهل العلم، وجب قبوله، فإن كان مع هذا ثابتا في الصحيحين أو أحدهما، تأكد الأمر، لأن الأمة تلقت أحاديثهما بالقبول، فإنكاره ـ عندئذ ـ بدعة وضلالة ومكابرة، قال النووي في شرح مسلم: اتفق العلماء ـ رحمهم الله ـ على أن أصح الكتب ـ بعد القرآن العزيز ـ الصحيحان: البخاري ومسلم ـ وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة. هـ.
وقد سبق لنا ذكر نبذة عن المكانة العلمية الخاصة بصحيح الإمام البخاري في الفتويين رقم: 18830، ورقم: 13678.
ومع ذلك، فلا يكفر من أنكر حديثا صحيحا ثابتا في الصحيحين إلا إذا اعتقد ثبوته وصحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أنكره، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 11128، 108688، 99388.
هذا مع التنبيه على أنه قد وقع في صحيح الإمام البخاري بعض الأحاديث القليلة التي ليست على شرطه، والتي قد انتقدها عليه بعض الحفاظ، فردُّ مثل هذه الأحاديث ممن هو أهل لذلك من جهابذة الحفاظ ـ كالدارقطني مثلا ـ يُعد خلافا علميا لا يُبدَّع صاحبه ولا يُضلل، وإنما يناظر ويجاب جوابا علميا، كما فعل أهل العلم قديما وحديثا، وقد عقد الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري لذلك فصلا فقال: الفصل الثامن في سياق الأحاديث التي انتقدها عليه حافظ عصره ـ أبو الحسن الدارقطني وغيره من النقاد: وإيرادها حديثا حديثا على سياق الكتاب وسياق ما حضر من الجواب عن ذلك. هـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35370.
والله أعلم.