الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الوالدين العدل بين أولادهم، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض لغير مسوّغ في عطية أو غيرها قال ابن قدامة: قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسوّوا بينهم حتى في القُبَلْ.
فمن لا يعدل بين أولاده في العطية، فقد جار وعرض المؤثر عليه من الأولاد للعقوق، ففي حديث النعمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء.
لكن هذا لا يسوغ عقوق الوالدين ولا التقصير في حقهم، فحق الوالدين عظيم وبرّهما من أهم أسباب رضا الله كما أن عقوقهما من أهم أسباب سخط الله، ومهما كان حالهما، فإن حقهما في البر لا يسقط، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14}
فالواجب عليكم مداومة بر والديكم والإحسان إليهما والحذر من مقاطعتهما أو ترك زيارتهما من غير عذر.
واعلمي أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.
فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء، فكيف بالوالدين اللذين هما أرحم الناس بولدهما؟.
ولا مانع من مطالبتهما بالعدل بينكم ومناصحتهما بالرفق والأدب، أو الاستعانة بمن ينصحهما ممن يقبلان نصحه والإكثار من الدعاء لهما.
والله أعلم.