الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد احتاط الشرع في أمر التعامل بين النساء والرجال الأجانب ووضع لذلك حدوداً وآداباً تسدّ أبواب الفتنة وتحافظ على العفة وتصون الأعراض، فمنع النظر إلى الأجنبية والخلوة بها والانبساط إليها، وقد حذر الشرع من التهاون في تلك الحدود مع أقارب الزوج، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج. قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلاً، كما تقول: الأسد الموت، أي لقاؤه فيه الموت، والمعنى احذروه كما تحذرون الموت.
وقال النووي رحمه الله: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي. انتهى.
وعلى ذلك فإنّ سكن المرأة في بيت واحد يضم أخا زوجها أو غيره من الأجانب إذا كان مع اشتراك المرافق، أو على وجه لا تؤمن معه الفتنة فهو غير جائز. وانظري الفتوى رقم: 126785.
وما وقعت فيه من العلاقة الحرام مع أخي زوجك إنما هو أثر لتفريطك وتفريط زوجك في أوامر الله وتعديكما لحدوده، فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة بالإقلاع عن الذنب، واستشعار الندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع الإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية.
واعلمي أنك إن كنت قد وقعت في الزنا والعياذ بالله فقد ارتكبت إثما عظيما، وأتيت منكرا جسيما، فإن الزنى من أفحش الذنوب وأكبر الكبائر، وقد قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32} والآيات والأحاديث في ذم الزنى والتحذير منه وبيان عقوبته الشنيعة كثيرة معلومة، قال ابن القيم رحمه الله: فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله.
لكن التوبة الصادقة إذا استوفت شروطها فهي مقبولة بإذن الله، ومهما عظم الذنب أو تكرر من العبد فإن الله بعفوه وكرمه يقبل توبته، بل إن الله يفرح بتوبة العبد ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة: 222}، قال ابن كثير: أي: من الذنب وإن تكرر غشْيانه. تفسير ابن كثير. (1 / 588).
لكن من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية ويقطع الطرق الموصلة إليها ويحسم مادة الشر، فعليك أن تطالبي زوجك بمسكن مستقل تأمنين فيه على نفسك وتراعين حدود الله، واحذري من استدراج الشيطان واتباع خطواته، واجتهدي في الاستغفار مع الاستعانة بالله والاعتصام به وكثرة دعائه فإنه قريب مجيب.
والله أعلم.