الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 66429. أن السامري ليس هو الدجال، وما يؤيد ذلك أن الدجال معروف عند الأنبياء بصفاته وكانوا يحذرون أممهم منه كما في الحديث: إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فلو كان السامري هو الدجال لما خفي أمره على كل من موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ولحذر الناس منه، ويدل له أيضا أن السامري عاقبه الله بأن لا يطيق مس أي أحد مدة حياته كما قال تعالى: قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا. { طـه:97}.
والدجال سيخالط الناس في آخر الزمان ويدعي أنه رسول الله وأنه هو الرب، ويظل يأمر وينهي ويظهر للناس من دجله وغرائبه، ولا نعلم أحدا يقول بأن السامري هو الدجال قبل ادعاء أحد المدعين في هذا العصر أنه اكتشف أن الدجال هو السامري وأنه مقيم في مثلث برمودا ولم يأت في ذلك بدليل وقد بينا في الفتوى رقم: 35569. أن الدجال يخرج من المشرق من جهة خراسان.
وأما الفرق بين السامري وبين من تابوا فإن السامري لم يؤثر عنه الندم والرغبة في التوبة بل إنه لما كلمه موسى في شأن ما اختلق قال له: بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي. { طـه:96}.
وأما القوم فإنهم أخبر الله عنهم أنهم ندموا ورغبوا في غفران الله ورحمته. كما قال تعالى: وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. { الأعراف:149}.
ثم تقبل الله توبتهم بشرط أن يقتل بعضهم بعضا فقد قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. {البقرة:54}.
فهؤلاء رغبوا في التوبة واستشعروا خطر الشرك وأما السامري فلم يرد عنه أنه تاب.
والله أعلم.