الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنريد أولا التنبيه إلى أن الواجب شرعا على الزوج هو الإحسان إلي زوجته ومعاشرتها بالمعروف امتثالا لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. {النساء:19}. ولا شك أن ضرب الزوجة وشتمها وسبها مناف للمعاشرة بالمعروف، وعليه فإن كان الأمر كما ذكرتِ فزوجك آثم بسبب ما أقدم عليك من الضرب والشتم، وراجعي التفصيل في الفتويين: 57395، 29242.
ويجوز لك في هذه الحالة طلب الطلاق رفعا للضرر.
ففي شرح الدردير ممزوجا بمختصر خليل المالكي: ولها أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو يا بنت الكلب يا بنت الكافر يا بنت الملعون. انتهى. وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 37112.
وإن كان زوجك قد أضر بك الضرر الذي يبيح لك التطليق- كما هو ظاهر السؤال- فإن من حقك أن لا تعطيه شيئا مما التزمته له في الخلع، وأن تسترجعي ما أخذه من ذلك.
قال الشيخ الدردير: ورد الزوج المال الذي خالعها به، وكذا يسقط عنها ما التزمته من رضاع ولدها أو نفقة حمل أو إسقاط حضانة حيث طلبت ذلك وادعت بعد المخالعة أنها ما خالعته إلا لضرر يجوز التطليق به، بشهادة سماع وأولى شهادة قطع على الضرر.
وقال ابن قدامة في المغني: فأما إن عضل زوجته، وضارها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها من النفقة، والقسم ونحو ذلك، لتفتدي نفسها منه، ففعلت، فالخلع باطل، والعوض مردود. روي ذلك عن ابن عباس وعطاء ومجاهد والشعبي والنخعي والقاسم بن محمد وعروة وعمرو بن شعيب وحميد بن عبد الرحمن والزهري، وبه قال مالك والثوري وقتادة والشافعي وإسحاق، وقال أبو حنيفة: العقد صحيح، والعوض لازم، وهو آثم عاص. ولنا قول الله تعالى: وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ. {البقرة: 229}. وقال الله تعالى: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ. {النساء: 19}. ولأنه عوض أكرهن على بذله بغير حق، فلم يستحق، كالثمن في البيع، والأجر في الإجارة. انتهى.
وبخصوص ملابسك ونحوها مما تملكينه فيحرم على زوجك أخذها، وعليه ردها لأن المسلم معصوم الدم والمال فقد قال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. رواه الإمام مسلم وغيره.
أما أثاث البيت فيكون ملكا لكِ إن كان من مالك الخاص أو هبة من زوجك، أو كان جزءا من المهر كما تقدم بيانه في الفتوى رقم: 76734.
وفي حال كون العفش ملكا لك فلا يجوز للزوج أو غيره إفساده بالتكسير أو غيره والضمان على من باشر تكسيره.
كما أنك أحق بحضانة ابنك، ولا يجوز له أخذه منك إذا توفرت لديك شروط الحضانة ولم يوجد ما يسقطها ولك رفع الأمر لمحكمة شرعية لإنصافك واسترجاع ابنك. وراجعي التفصيل في الفتويين: 9779، 6256.
والله أعلم