الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت الأشياء التي تستعملها مجرد آلات لا تتضرر بالاستعمال ويمكن استعمال عدة أشخاص لها من دون أن يلحق ضرر بأي أحد منهم فلا حرج على الولد في استعمالها إن لم ينص الوالد على المنع من ذلك، ويدل لهذا حديث ابن عباس، قال: بت عند ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه ثم نام، ثم قام فأتى القربة، فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين وضوءين لم يكثر، وقد أبلغ، فصلى، فقمت فتمطيت كراهية أن يرى أني كنت أرقبه، فتوضأت، فقام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة. متفق عليه.
ففي هذا الحديث لم يذكر ابن عباس أنه استأذن في استعمال القربة ولا الماء الموجود بها.
وأما إن كانت الأشياء التي تستعملها مما يغلب عدم سماح مالكها باستعمال الغير لها فلا يجوز لك أن تستعملها لما يغلب على الظن من تأذي الوالد بذلك ومنعه.
وأما إن كان المسئول عنه أموالا مستهلكة مملوكة للوالدين ويأخذها الابن ويستهلكها فالأصل أنه لا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه إلا بإذنه، فإن ذلك من السرقة، إلا إذا كان الأب لا يعطي الابن النفقة مع قدرته على ذلك، وعجز الابن عن الإنفاق على نفسه مع عدم مقدرته على الكسب، فللابن حينئذٍ أن يأخذ من مال أبيه دون علمه ما يكفيه بالمعروف، ودليل ذلك حديث هند بنت عتبة عندما جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.
والله أعلم.