الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
وقد جعل الشرع للخالة منزلة خاصة في البر والصلة ، فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخالة بمنزلة الأم. متفق عليه.
ولمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ إنِّي أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ هَلْ لَك مِنْ أُمٍّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ هَلْ لَك وَالِدَانِ ؟ قَالَ لا . قَالَ فَهَلْ لَك مِنْ خَالَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ فَبِرَّهَا.
فلا يجوز لك مقاطعة خالتك لمجرد خلاف حصل بينكما ، والواجب عليك صلتها ما لم يكن عليك ضرر في دينك أو دنياك.
و قد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها ، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
واعلم أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. { فصلت:34}
كما أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.