الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفرح الذي تذكره السائلة وتصفه بأنه فرح بعدم تطبيق الشريعة، إنما هو في الحقيقة فرح بنجاة من يأتي بما تظنه هي ناقضا من نواقض الإسلام، وليس فرحا بتغييب الشريعة. ويؤكد هذا أنها أردفت ذلك بتمني مجيء اليوم الذي تطبق فيه الشريعة ردعا لمن يتجرأ على الإتيان بما تظنه ناقضا. ولا يخفى أن تمنيها لذلك ليس تمنيا لحصول النفاق، بل هو تمنٍ لتوبة المتجرئين وانكفافهم عن ما يقعون فيه من الخطأ. وهذا شعور طيب تحمد عليه السائلة، وهو بعيد كل البعد عن الإثم، بفضل الله.
وقد تبين لنا من أسئلة الأخت الكريمة سواء هذا السؤال أو ما سبق أن أجبناه، أنها تعاني من شيء من الوسوسة في هذا الباب، وأنها قد تظن ما ليس ناقضا للإسلام ناقضا له، ولذلك فإننا ننصحها بأن تطرح هذه الأفكار ولا تجعل للشيطان عليها سبيلا. فإن الوسوسة مرض شديد وداء عضال، والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. رواه مسلم.
قال النووي: أَيْ الْمُتَعَمِّقُونَ الْغَالُونَ الْمُجَاوِزُونَ الْحُدُود فِي أَقْوَالهمْ وَأَفْعَالهمْ. اهـ. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 8106 .
كما سبق لنا بيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 721 ، 106396 ، 53835 ، 8106 ، 122556 ، 119321.
والله أعلم.