الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن موت الفجأة بمجرده لا يدل على سوء خاتمة المتوفى، وانظر الفتوى رقم: 58407، والفتوى رقم: 1958.
وليس فيما ذكر في السؤال ما يدل على سوء خاتمة هذا المتوفى، بل فيه ما يدل على حسن خاتمته، ومن ذلك أنه ختم له بعمل صالح وهو الخروج إلى الصلاة، فإنه بذلك يكون في صلاة، روى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعاً: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبك بين يديه فإنه في صلاة.
وروى مالك في الموطأ عن أبي هريرة: من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى الصلاة فإنه في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة، وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ويمحى عنه بالأخرى سيئة، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع فإن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا. قالوا: لم يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخطا.
فقوله: فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ. قال في المنتقى: يُرِيدُ أَنَّ أَجْرَهُ أَجْرُ الْمُصَلِّي مَا دَامَ يَقْصِدُ إِلَى الصَّلَاةِ.
ولا حرج في كونه يذهب إلى المسجد الأبعد، بل قد يكون هذا أفضل إذا كان هناك ما يدعو إلى ذلك، كتحصيل خشوع وجمعية قلب ونحو ذلك كما يظهر من السؤال. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32315، 74540، 25905، 124518.
ومما سبق يتضح أن الإمام المذكور قد جانبه الصواب فيما قاله، بل كلامه ذلك فيه تخرص ورجم بالغيب وإساءة ظن بالمسلمين دون دليل، إضافة إلى ما يفوح من كلامه من غرور وإعجاب بالنفس يخشى عليه منه. ونحن ندعوه إلى التوبة ومراجعة نفسه.
والله أعلم.