الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبهك على أن ما تقع فيه مع جارتك أمر عظيم وانتهاك صارخ لحدود الله وحرماته، وله أثر كبير على إفساد دينك ودنياك؛ لأن هذا هو العشق المحرم. وقد سبق أن بينا خطورة العشق وأقسامه وكيفية علاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 9360, 117632, 126865.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام نفيس يحسن ذكره في هذا المقام فقد سئل رحمه الله عمن أصابه سهم من سهام إبليس المسمومة ؟ فأجاب: من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السم ويبرئ الجرح بالترياق والمرهم وذلك بأمور منها :
الأول: أن يتزوج أو يتسرى ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله ؛ فإنما معها مثل ما معها } وهذا مما ينقص الشهوة ويضعف العشق .
الثاني: أن يداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت السحر . وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع . وليكثر من الدعاء بقوله : { يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك } فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك كما قال تعالى : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين }.
الثالث : أن يبعد عن مسكن هذا الشخص والاجتماع بمن يجتمع به ؛ بحيث لا يسمع له خبرا ولا يقع له على عين ولا أثر ؛ فإن البعد جفا، ومتى قل الذكر ضعف الأثر في القلب، فليفعل هذه الأمور وليطالع بما تجدد له من الأحوال. انتهى
وإنا لنوصيك أول ما نوصيك بأن تحاول الزواج من هذه المرأة، وإنما نصحناك بذلك لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني.
واعلم أن الزواج من أسباب تيسير الرزق، قال تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:33}.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة حق على الله عونهم ... وذكر منهم: الناكح يريد العفاف. رواه أحمد والترمذي والنسائي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فإن تعذر ذلك فعليك بالصيام بحسب جهدك وقدرتك، فإن صعب ذلك عليك ولم تقدر على مواصلة الصيام، فعليك بمفارقة هذا المكان الذي تسكن فيه، ولتقطع كل علاقة لك بها، فلا تقابلها ولا ترد على اتصالاتها، فإن مجرد كلامك معها – ولو بالهاتف - حرام لا يجوز. وقد بينا في الفتوى رقم: 21582 نصوص الفقهاء في حكم الحديث بين الرجل والمرأة الأجنبية.
وعليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا أن يصرف عنك السوء والفحشاء، وأن يقيك شر نفسك وشر الشيطان.
وراجع لزاما الفتوى رقم: 63620.
والله أعلم.