الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقيام في صلاة الفريضة فرض من فروض الصلاة التي لا تصح إلا بها، ولا شك أن المريض أعلم بمقدار الألم من غيره، فإذا كانت أختك تشعر بأن الألم قليل وليس فيه مشقة غير محتملة، فإنه يلزمها أن تصلي الفريضة قائمة، وأما إذا كانت المشقة غير محتملة وتعتقد أختك بأنه لا تصح الصلاة للقاعد ولو كان يشق عليه القيام فهي مخطئة، وكذا إن أخبرها الطبيب الثقة أن قيامها يزيد من مرضها فهي معذورة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ، رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ، فالعاجز عن القيام يجوز له أن يصلي قاعدا، بل قد يتعين عليها أن تصلي قاعدة إذا ترتب على قيامها في الصلاة ضرر على البدن لقوله صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَاجَهْ، وقد قال الله تعالى:... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ... {سورة البقرة: 185}، وقولها إن آلام القدم ليست بعذر هذا ليس صحيحا على إطلاقه بل هي عذر إذا عجزت معها عن القيام أو كان في قيامها مشقة غير محتملة، وقد أجمع أهل العلم على أن المريض الذي لا يستطيع القيام في الفريضة يعذر في ذلك ويصلي جالساً وله الأجر الكامل كما لو صلَّى وهو قائم.
قال الإمام النووي في المجموع: أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاَّها قاعداً، ولا إعادة عليه، قال أصحابنا: ولا ينقصُ ثوابُه عن ثوابِه في حال القيام، لأنه معذورٌ، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً. قال أصحابنا: ولا يُشترط في العجزِ أن لا يتأتَّى القيامُ ولا يكفي أدنى مشقة، بل المُعتبر المشقّةُ الظاهرة، فإذا خاف مشقةً شديدةً أو زيادة مرضٍ أو نحو ذلك أو خاف راكبُ السفينة الغرق أو دوران الرأس صلَّى قاعداً ولا إعادة. اهـ.
والله أعلم.