الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب هو عدم شهود المنكر، والمأمور به هو اجتناب أهل الباطل حال باطلهم، ومكانه حال وجوده، كما قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ.{النساء: 140}.
فقد ذكر القاسمي في (محاسن التأويل) في الأحكام المستفادة من هذه الآية: جواز مجالسة الكفار مع عدم الخوض؛ لأنه إنما أمرنا بالإعراض مع الخوض. وأيضاً فقد قال تعالى: { حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ }. قال الحاكم: والآية تدل أيضاً على المنع من مجالسة الظلمة والفسقة إذا أظهروا المنكرات، وتدل على إباحة الدخول عليهم لغرض، كما يباح للتذكير. وفي الآية أيضاً دلالة على وجوب الإنكار، لأن الإعراض إنكار. اهـ.
وقال ابن عاشور في (التحرير والتنوير): {حتى} غاية للإعراض؛ لأنه إعراض فيه توقيف دعوتهم زمانا أوجبه رعي مصلحة أخرى، هي من قبيل الدعوة، فلا يضر توقيف الدعوة زمانا، فإذا زال موجب ذلك عادت محاولة هديهم إلى أصلها لأنها تمحضت للمصلحة. اهـ.
والمقصود أن مثل هذه القاعات إنما تجتنب حال وجود المنكرات، وأما مع خلوها فهي على أصل الإباحة. وغاية ما يطلب من المرء عندئذ أن يبذل نصحه للقائمين على هذه القاعة أن لا يؤجروها لمن يفعل فيها المنكرات ويقارف فيها المحرمات. وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين: 39752، 119237.
والله أعلم.