الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيختلف الحكم في هذا الأمر تبعا لنيتك، وكذلك الأسلوب الذي تحكي به هذه الوقائع، فإن كانت لك نية حسنة من نقل الحديث لأصحابك، كأن تعلمهم بحكم شرعي، أو تحذرهم من مغبة التساهل في المعاصي من تبرج واختلاط ونحوه، فهذا لا حرج فيه إن شاء الله، بشرط أن تلتزم الآداب الشرعية في نقل هذه الأمور، فإن من أدب الشريعة أنها تكني في المواطن التي يستحيى من التصريح بها، فقد روى عبد الرزاق عن ابن عباس: إن الله حيي كريم يكني عما شاء.
ولذا جاء في القرآن: أو جاء أحد منكم من الغائط. كناية عن قضاء الحاجة، ذلك أن الغائط هو المكان المنخفض الغائر من الأرض، إذ لم يكن للعرب وقت نزول القرآن تلك الحمامات المنزلية المعروفة الآن التي يقضي الناس فيها حاجتهم من تبول وتغوط، فعبر القرآن الكريم عن قضاء الحاجة بالمجئ من المكان المعد لذلك، وهذا من أجمل الكنايات وألطفها، ووردت ألفاظ الغشيان والملامسة والإفضاء كناية عن الجماع ونحو ذلك.
أما إذا خلا الأمر من النية الصالحة أو الأسلوب اللائق فهنا يدخل الأمر الحرج وأقل أحواله الكراهة قال النووي رحمه الله: فأما مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن فيه فائدة ولا إليه حاجة فمكروه لأنه خلاف المروءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. انتهى كلامه.
وقد يعرض له ما يجعله محرما كما لو صاحبته نية سيئة كتهييج الغرائز وإثارة الشهوات وتحريض الناس على المعاصي ونحو ذلك، أو خشي أن يؤدي إلى شيء من ذلك.
ولكن لا يعتبر هذا من قبيل القذف لأنك تتحدث عن شخص مجهول لا تعلمه أنت ولا يعلمه المخاطبون، وإن قذفت شخصا مسلما بعينه فهذا هو القذف المحرم الذي لعن الله فاعله وأعد له عذابا عظيما.
والله أعلم.