الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على أخيك أن يبادر بأداء العمرة إن توفر فيه شرط الوجوب وكان مستطيعا لأدائها، فإن العمرة على المستطيع واجبة على الراجح من قولي العلماء، وهو مذهب الحنابلة والشافعية وروي القول بوجوبها عن جماعة من الصحابة.
قال ابن قدامة مبينا أدلة القول بالوجوب: ولنا قول الله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة }. ومقتضى الأمر الوجوب، ثم عطفها على الحج والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه، قال ابن عباس : إنها لقرينة الحج في كتاب الله، وعن الضبي ابن معبد قال : أتيت عمر فقلت : يا أمير المؤمنين إني أسلمت وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأهللت بهما، فقال عمر : هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، رواه أبو داود والنسائي، وعن أبي رزين أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال : حج عن أبيك واعتمر. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حديث حسن صحيح، وذكره أحمد ثم قال : وحديث يرويه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أوصني قال : تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر، وروى الأثرم بإسناده عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن وكان في الكتاب: إن العمرة هي الحج الأصغر. ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم نعلمه إلا ابن مسعود على اختلاف عنه. انتهى.
فإذا تبين أن العمرة واجبة فالراجح أنها واجبة على الفور لأنه الأصل في الأمر، ومن ثم فيجب على المستطيع أن يبادر بفعلها، وما يذكره أخوك إنما هو من تلبيس الشيطان يريد أن يصده عن العبادة ويصرفه عن الخير، بل الواجب عليه أن يغض بصره عن الحرام على كل حال، متزوجا كان أو غير متزوج امتثالا لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. {النــور:30}.
ويجب عليه أيضا أن يبادر بالعمرة كما قدمنا، وليس فعل أحد الواجبين مسوغا لترك الآخر، بل إنه لو كان مبتلى بإطلاق البصر فلعل ذهابه للعمرة واجتهاده في الدعاء في تلك البقاع الفاضلة يكون سببا لتوبة الله عليه وإقلاعه عن هذا الذنب.
والله أعلم.