الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر من خلال ما ذكرت من ملابسات في ثنايا السؤال أنه لا حرج عليكم - إن شاء الله - في ترك والديكم بمفردهما، خاصة وأنهما بصحة جيدة ولا يحتاجان إلى رعايتكم ، ولا يبدو منهما اعتراض أو انزعاج من سفركم.
لكن إن ظهر منهما أو من أحدهما حاجة إليكم من نفقة أو معاونة أو خدمة ونحو ذلك فإنه يجب عليكم جميعا أن تتعاونوا لسد حاجتهما بالمعروف من مطعم ومشرب وملبس وعلاج وخدمة ونحو ذلك، فإن نفقة الوالدين المحتاجين تجب على أولادهما الموسرين بالإجماع، كما قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى
هذا من ناحية الواجب المتحتم، أما من ناحية المستحب والمندوب فالأفضل قطعا هو مجاورة الوالدين خصوصا حال كبرهما، فإن لذلك أثرا كبيرا في إحداث السعادة والطمأنينة لهما، ولذا فقد امتن الله سبحانه على بعض عباده الجاحدين لنعمه بنعمة البنين الشهود الذين لا يفارقونه فقال سبحانه: وَبَنِينَ شُهُودًا {المدثر:13}
جاء في تفسير الألوسي: حضوراً معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفارقونه. انتهى
وهذا كله ما لم يترتب على البقاء معهما ضرر، أما إن ترتب على الرجوع والبقاء معهما ضرر من ضياع أسباب الرزق وعدم قدرتكم على توفير النفقة لأولادكم وأزواجكم ومن تعولون فهنا ينتفي الوجوب والندب.
والله أعلم.