الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في حكم الفتح على الإمام إذا لحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى، ومثل ذلك ما لو نسي آية من الفاتحة، فأوجب ذلك المالكية والحنابلة في الصحيح من المذهب، ولم يوجبه الشافعية والحنابلة في رواية. قال المرداوي في الإنصاف: عموم قوله: وله أن يفتح على الإمام. يشمل الفاتحة وغيرها وأنه لا يجب، أما في غير الفاتحة فلا يجب بلا خلاف أعلمه، وأما في الفاتحة فالصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجوب الفتح عليه، وقيل لا يجب وهو ظاهر كلام المصنف هنا. انتهى.
وانظر لتفصيل القول في هذه المسألة وبيان مذاهب الأئمة مستوفاة الموسوعة الفقهية الكويتية، ولعل الراجح هو وجوب الفتح على الإمام إذا أسقط آية من الفاتحة أو لحن فيها لحنا يحيل المعنى، قال في حاشية الروض: يجب الفتح على إمامه إذا أرتج عليه أو غلط في الفاتحة، لتوقف صحة صلاته على ذلك، كما يجب تنبيهه عند نسيان سجدة ونحوها من الأركان ولا يجب في غير الفاتحة، قال في الإنصاف: بغير خلاف أعلمه. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 120379، وما أحيل عليه فيها.
وعليه؛ فإن فتح المأمومون على الإمام إذا أسقط آية من الفاتحة فعاد الإمام إليها فقرأها وما بعدها فقد فعلوا جميعا ما وجب عليهم ولا يلزمهم شيء، وإن لم يفتحوا عليه فقد صرح فقهاء الشافعية بلزوم مفارقتهم له لتركه واجبا، وأما هو فيلزمه الإتيان بركعة مكان التي نسي فيها آية من الفاتحة إذا ذكر بعد سلامه عن قرب قبل أن يطول الفصل ويسجد للسهو، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: قال الزركشي: ولو لحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى وجب مفارقته كما لو ترك واجبا؛ لكن هل يفارقه في الحال أو حتى يركع لجواز أنه لحن ساهيا وقد يتذكر فيعيد الفاتحة، الأقرب الأول لأنه لا تجوز متابعته في فعل السهو. اهـ. بل الأقرب الثاني لأن إمامه لو سجد قبل ركوعه لم تجب مفارقته في الحال. انتهى.
وإذا لم يفارق المأمومون إمامهم بل مضوا في متابعته والحال ما ذكر، فالواجب عليهم إعادة تلك الصلاة، وأما الإمام فإنه إن لم يأت بركعة مكان التي نسي فيها آية من الفاتحة حتى طال الفصل فيجب عليه كذلك إعادة تلك الصلاة.
والله أعلم.