الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعبارة المذكورة واضحة جدا، ومعناها أن حد الرأس هو من منبت الشعر المعتاد إلى ما يسمى قفا، والبياض الذي بين الرأس والأذن من الرأس، وظاهر مذهب الحنابلة وجوب استيعاب جميع الرأس بالمسح، وعلى هذا فوضوء من ترك مسح ذلك الجزء غير صحيح.
واعلم أن مذهب الشافعية والحنفية أنه يجزئ مسح بعض الرأس، ولهذا المذهب اتجاه لثبوته عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، والأحوط مسح جميع الرأس خروجا من الخلاف.
وأما الأذنان فمسحهما مستحب في قول الجماهير، وحكاه الطبري إجماعا كما في المجموع للنووي، والمعتمد في مذهب الحنابلة وجوب مسح الأذنين، والرواية الثانية في المذهب عدم الوجوب وهي التي صوبها في الإنصاف، وذكر ابن قدامة أنها ظاهر المذهب وجزم بها في العمدة، وعليه فلو ترك مسح أذنيه رأسا فوضوؤه صحيح، وعلى القول بالوجوب فإنه لا يجب مسح ما استتر بالغضاريف من الأذن كما نص على ذلك الفقهاء.
قال في شرح الإقناع: (ويجب مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما لأنهما من الرأس). لقوله صلى الله عليه وسلم: الأذنان من الرأس. رواه ابن ماجه من غير وجه (والبياض فوقهما ) أي فوق الأذنين ( دون الشعر منه ) أي من الرأس ( أيضا ) قال في الإنصاف على الصحيح من المذهب ( فيجب مسحه مع الرأس ) وكيف مسح الأذنين أجزأ كالرأس ( والمسنون في مسحهما أن يدخل سبابتيه في صماخيهما ويمسح بإبهاميه ظاهرهما ) لما في النسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسبابتين وظاهرها بإبهاميه ( ولا يجب مسح ما استتر ) من الأذنين ( بالغضاريف ) لأن الرأس الذي هو الأصل لا يجب مسح ما استتر منه بالشعر فالأذن أولى والغضروف داخل فوق الأذن أي أعلاها ومستدار سمعها. انتهى.
والله أعلم.