الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فههنا مسألتان، أولاهما إخراج الزكاة من العروض، وهذا لا يجيزه كثير من أهل العلم، فإنهم يوجبون زكاة العروض في قيمتها لأنها المقصودة من العروض، وأجاز بعض العلماء إخراج زكاة العروض منها، وقيد بعضهم ذلك بالمصلحة، قال ابن قدامة في المغني: ويخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها وهذا أحد قولي الشافعي وقال في آخر هو مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها وهذا قول أبي حنيفة لأنها مال تجب فيه الزكاة فجاز إخراجها من عينه كسائر الأموال.
ولنا أن النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها كالعين في سائر الأموال ولا نسلم أن الزكاة تجب في المال وإنما وجبت في قيمته. انتهى.
وجاء في الروض مع حاشيته: ولا تجزئ الزكاة من العروض لتعلقها بالقيمة، وعنه: تجزئ. لأنها الأصل، اختاره الشيخ وغيره، قال: ويقوى على قول من يوجب الزكاة في عين المال. وقال: يجوز العدول إلى الحاجة والمصلحة، أو يكون المستحق طلب القيمة، لكونها أنفع له. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: قوله: زكى قيمتَها أي: لا عينها، فلا يجوز إخراج الزكاة من عين ما أعدّ للتجارة، لأن العين في عروض التجارة غير ثابتة، فالمعتبر المخرج منه وهو القيمة، ولأن القيمة أحب لأهل الزكاة غالباً.. انتهى.
فإذا علمت هذا فإن الأحوط والأبرأ للذمة هو أن تخرج الزكاة فيما يستقبل من القيمة لا من العروض خروجا من الخلاف، وأما ما مر فإنه يجزئك إن شاء الله على قول من جوز إخراج زكاة العروض منها وبخاصة إذا كان في ذلك مصلحة بشرط أن يكون قد صرف إلى مستحقه من الفقراء ونحوهم، وانظر الفتوى رقم: 95193، وأما صرف الزكاة لجمعية تحفيظ القرآن الكريم فهو وإن أجازه بعض أهل العلم بناء على دخوله في مصرف في سبيل الله، فإن الجمهور من العلماء يأبون ذلك ويقصرون مصرف سبيل الله على جهاد المشركين، وانظر الفتوى رقم: 14242، وعليه فالذي نراه ألا تجتزئ بما أخرجته للجمعية من الأغطية وألا تحسبه مما عليك من الزكاة، وعليك أن تخرج زكاة جميع مالك. واحرص على أن تخرج زكاة العروض من النقود خروجا من الخلاف كما بينا.
والله أعلم.