الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 103867، مع إحالاتها ضوابط التبديع والتكفير، وننبه إلى أنه كما لا ينبغي التساهل في تبديع الناس وتكفيرهم، فلا ينبغي كذلك لمز الحريصين على السنة بالبعد عن الشرع والابتداع، بل ينبغي وزن الأمور كلها بميزان الشرع مع حسن الظن بالمسلمين، وسؤال العبد لربه أن يهديه للحق فيما اختلف فيه.
وأما الاستعانة بالجن فقد أباحها شيخ الإسلام فيما كان مباحا بشرط كون المستعين بهم عالما بالشرع يأمن من أن تنطلي عليه خدعهم وشبهانهم. ونحن نرجح خلاف هذا كما بينا في عدة فتاوى سابقة يمكنك الاطلاع عليها عند البحث عن كلمة الاستعانة بالجن.
وأما التبديع لمن يقول يجوز الاستعانة بهم فلا نراه صوابا لأن المسألة ليست منصوصة، وضابط الاجتهاد السائغ هو أن يكون موافقا لبعض الأدلة الشرعية بوجه ما، والقائل بجواز الاستعانة بالجن يحتج ببعض العمومات منها حديث مسلم: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل. وعموم حديث مسلم: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وعلى هذا فإن كان الجني مسلما فيشرع أن يعين أخاه الإنسي وللمسلم أن يستعين به، وإن كان كافرا فهو مثل الكافر الإنسي الذي يستعان به فيما هو مباح. ولكنا رجحنا خلاف هذا لأن الجن أهل كذب وخداع فلا يؤمن تضليلهم وخداعهم، ولا يؤمن أن يتصل بهم المشعوذون ويتعاملون معهم تعاملا محرما أو شركيا ويخدعون السذج من الناس بذلك.
والله أعلم.