الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ندبت الشريعة المرأة إلى القرار في بيتها، ووردت في هذا نصوص متعددة منها: قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْـجَاهِلِيَّةِ الأُولَى. { الأحزاب: ٣٣ }.
فهذا خطاب لنساء النبي، وسائر النساء المؤمنات تبع لهن في ذلك، قال الألوسي بعد ذكر القراءات في قوله سبحانه: وقرن ـ والمراد: على جميع القراءات أمرهن ـ رضي الله تعالى عنهن ـ بملازمة البيوت، وهو أمر مطلوب من سائر النساء, أخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها. انتهى.
وفي مسند الإمام أحمد: أن أم حميد ـ امرأة أبي حميد الساعدي ـ جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. حسنه الألباني.
فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأم حميد مع علمه بفضل الصلاة في المساجد عامة، والصلاة في مسجده وخلفه خاصة، فدل ذلك على أن صلاة المرأة في سكنها خير لها من صلاتها في أي مسجد، سواء كان المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، أو غيرهما بالأولى.
وبذا يعلم أن قرار المرأة في بيتها صيانة لها وحرز من افتتانها والافتتان بها، ولا علم لنا باختلاف بين العلماء في هذا ولا ينبغي أن يختلف فيه، إلا حال خروجها إلى ما لا بد لها منه شرعا ـ كالحج والعمرة وعيادة والديها المريضين، أو عادة كقضاء حوائجها التي لا بد لها منها، فحينئذ ـ لا حرج في خروجها بشرط أن تلتزم الآداب الشرعية من حجاب ونحوه، فإن وجدت من يكفيها حاجتها، فلا شك أن قرارها في بيتها هو الأفضل.
والله أعلم.