الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ثم اعلم ـ أيها الابن العزيز ـ أن الواجب على المسلم أن يطيع الله تعالى ويخشاه ويتقيه ـ سواء نذر أو لم ينذر ـ كما قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ. { النور: 52 }.
وليس من اللائق أن يكون خوف المرء من نذره أشد من خوفه من ربه وإن كان النذر شديدا، فعليك بمراقبة الله تعالى والاستقامة على طاعته على أية حال، وقد سبق لنا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها وما ينبغي فعله عندها، في الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 93700، 5450، 75958، 29785.
وأما بخصوص النذر الذي ذكرته: فهو الذي يسميه أهل العلم نذر اللجاج والغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه، غير قاصد للنذر ولا القربة، وهذا حكمه حكم اليمين، فإذا لم يوف بنذره لزمته كفارة يمين، فصاحبه مخير بين الوفاء به وبين الكفارة، على الراجح من قول جمهور العلماء، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 30392، 78902، 12399، 17466، 75629.
وقد سبق لنا بيان أنواع النذر وأحكامه في الفتوى رقم: 1125.
وأما الحنث في هذا النذر: فإنه يكون باعتبار نيتك حال التلفظ به ، فإن النية تقيد النذر وتخصصه، بمعنى أنك لو كنت تقصد بالنظر إلى الحرام صورا معينة، فلا تحنث بالنظر إلى غيرها من الحرام، وإن كان الإثم حاصلا في كليهما، وهذا هو الظاهر من السؤال، فالنظر إلى مذيعة الأخبار أو إلى إحدى قريباتك وهي تبدي شيئا من شعرها، وكذلك النظر إلى الخرق في ملابس أبيك، ونحو ذلك لا تحنث به في نذرك، لأن الحامل لك على النذر هو أنك كنت تنظر إلى المواطن الفاتنة من الجسد أو إلى الصور الإباحية ـ كما ذكرت في سؤالك ـ وهذا معناه أنك كنت تقصد مثل هذه الصور لا غير.
وعلى أية حال، فقد عرف السائل أن نذره نذر لجاج، وأنه مخير بين الوفاء وبين الكفارة، ولكن الأمر المهم هو الثبات على التوبة ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، وتحقيق الاستقامة، وراجع في ما يعينك على ذلك الفتويين رقم: 111852، ورقم: 132470.
والله أعلم.