الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاصطحاب الأطفال إلى المساجد جائز في الأصل، وقد دلت على ذلك جملة من النصوص، كصلاته صلى الله عليه وسلم وهو حامل أمامة بنت بنته، وتخفيفه الصلاة لسماع بكاء الصبي، لئلا يشق على أمه، ونظائر ذلك، قال العيني ضمن فوائد حمل النبي صلى الله عليه وسلم أمامة في صلاته: وأن ثياب الأطفال وأجْسادهم طاهرة حتى تتحقق نجاستها، وأن دخولهم المساجد جائز. انتهى.
ولا شك في أن لذلك من المصالح التربوية ما لا يخفى، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: الذي أرى أن إحضار الأطفال ولو كانوا دون سن السابعة إذا كان لا يحصل منهم أذية، فإنه لا بأس به، لأن في ذلك تعريفا لهم وتعويداً لهم على حضور المساجد، وربما يكون في ذلك سرور لهم إذا حضروا مع الناس ورأوا المصلين. انتهى.
وهذا كله ما لم يترتب على ذلك أذية للمصلين وإذهاب لخشوعهم، فإن ترتب على دخول الأطفال واصطحابهم إلى المساجد أذية للمصلين لم يجز اصطحابهم ـ والحال هذه ـ رعاية لمصلحة المصلين وسعيا لتحقيق الخشوع الذي هو لب الصلاة وروحها، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا كان الأطفال يشوشون على الحاضرين، فإنه لا يجوز لأوليائهم أن يأتوا بهم إلى المساجد، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع آكل البصل من قربان المسجد، وعلل ذلك بأنه أذية، قال: إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان ـ فكل ما يؤذي المصلين فإنه لا يجوز إحضاره. انتهى.
وعليه، فإن أمكن الجمع بين المصالح بتعليم المميزين من هؤلاء الأطفال آداب المسجد وأن يكون غير المميزين منهم بجانب آبائهم تفاديا لإحداث الصخب والضجيج فهو حسن، وإن لم يمكن ذلك فناصحوا أولياء هؤلاء الأطفال بلين ورفق وبينوا لهم حكم الشرع الذي ذكرناه.
والله أعلم.