الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم كتابة القصص الخالية التي ليس فيها حرام أو دعوة إليه أو تقليل من شأن الدين وأهله أو رفع من شأن الفسق والفجور وأهلهما، فذهب بعضهم إلى كراهتها, ورجح بعضهم جوازها والترخيص فيها إذا كان الهدف منها نبيلا ـ كتعليم علم أو دعوة إلى فضيلة أو حث على الشجاعة وضرب الأمثال وبيان الحكم, أو كانت فيها فوائد أخلاقية واجتماعية، سواء كان ذلك على ألسنة الناس أو غيرهم من الحيوانات والجمادات ـ ولا يزال الأدباء يصنعون ذلك كالحريري في مقاماته يفترض شخصية وهمية يعالج بها قضية معينة, ولقيت قبولا بين الكافة ـ علماء وغيرهم .
وقد كان الشعراء بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يفتتحون شعرهم بمقدمات خيالية ـ كقصيدة بانت سعاد ـ ولم ينكر ذلك ـ لا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ـ مع أن هذه المقدمات تحكي أمورا افتراضية عن الفراق والهجر والبين, وقد لا تكون هذه حصلت للشاعر أصلا.
وقد ألف ابن المقفع كتابة: كليلة ودمنة ـ على لسان الحيوان كافتراض, ولقي قبولا واسعا من العلماء وغيرهم.
أما إذا كانت القصة تحتوي على منكر أو تمجيد باطل: فلا خلاف في حرمتها، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم وأدلتهم في الفتتاوى التالية أرقامها: 9543046391، 109936، 13278, 108286.
والله أعلم .