الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليعلم أولا أن التراويح سنة، وأن القراءة فيها ليست محددة بمقدار معين، ولكن استحب كثير من العلماء ألا ينقص عن ختمة.
جاء في الروض مع حاشيته: ولا يستحب لهم أن ينقصوا عن ختمة ليحوزوا فضلها، أي الختمة فيسمع المصلون معه جميع القرآن، قال شيخ الإسلام: قراءة القرآن في التراويح سنة، باتفاق أئمة المسلمين، بل من جُل مقصود التراويح قراءة القرآن فيها، ليسمع المسلمون كلام الله، فإن شهر رمضان فيه أنزل القرآن. انتهى.
ولكن لو شق ذلك على الناس فخفف بهم عن هذا القدر مراعاة لمصلحتهم لم يكن بذلك بأس.
قال في المغني: قال أحمد رحمه الله: يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخف على الناس ولا يشق عليهم ولا سيما في الليالي القصار، والأمر على ما يحتمله الناس. انتهى.
ولا حرج على المصلين الذين ذهبوا للصلاة خلف هذا الأخ إذا كانت صلاتهم خلفه أدعى لخشوعهم وأحضر لقلوبهم، فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم تتبع المساجد طلبا لحسن صوت الإمام لما ينتج عن ذلك من الخشوع وحضور القلب ؟ فأجاب رحمه الله: الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في ذلك إذا كان المقصود أن يستعين بذلك على الخشوع في صلاته ، ويرتاح في صلاته ويطمئن قلبه ؛ لأنه ما كل صوت يريح ، فإذا كان قصده من الذهاب إلى صوت فلان أو فلان الرغبة في الخير وكمال الخشوع في صلاته فلا حرج في ذلك ، بل قد يشكر على هذا ويؤجر على حسب نيته ، والإنسان قد يخشع خلف إمام ولا يخشع خلف إمام بسبب الفرق بين القراءتين والصلاتين. انتهى.
وصلاتهم هذه مع الخشوع وحضور القلب يرجى أن تكون أعظم أجرا من صلاة أطول منها ولكن لا خشوع فيها لأن الخشوع هو لب الصلاة وروحها، والأولى لهم أن يكملوا المقدار الذي تعودوا أن يقوموا به في رمضان تحصيلا للمصلحتين ولأن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها.
ولا ينبغي لمسلم أن يطلق على أخيه المسلم أنه فتنة للناس أو نحو ذلك من العبارات المنافية لأدب الإسلام والتي إن قالها في غيبة من ذلك الأخ فهي غيبة محرمة وإن قالها حال حضوره فهي أذية للمسلم، بل على المسلمين أن يتناصحوا ويتوادوا ويتعاونوا على البر والتقوى وبخاصة في تلك الأيام الفاضلة.
والله أعلم.