الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهنا مسألتان يلزم التفريق بينهما، فإنهما ليستا متلازمتين، إحداهما الخلاف في طهارة رطوبات الفرج ونجاستها، والثانية كونها ناقضة للوضوء أو لا، فإن الخلاف في كونها نجسة أو طاهرة معروف، والراجح عندنا طهارتها كما فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 110928، وهذا لا يلزم منه أنها لا تنقض الوضوء فهذه الريح ليست نجسة ولكنها ناقضة للوضوء، وإنما ينبني على القول بطهارتها عدم وجوب الاستنجاء منها ولا تطهير ما أصاب البدن والثياب منها.
وأما الإشكال الذي أوردته على القول بطهارتها وهو كون المذي يخرج من نفس المخرج فلماذا ألحقت بالمني فقيل بطهارتها ولم تلحق بالمذي فيقال بنجاستها؟ فجوابه على القول بطهارة هذه الرطوبات سهل، وهو أن الدليل قد قام على نجاسة المذي وذلك في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الذكر والوضوء منه، متفق عليه.
وأما هذه الرطوبات فلم يرد ما يدل على نجاستها مع عموم البلوى بها فتبقى على الأصل وهو الطهارة، وهذا من جملة ما استدل به القائلون بطهارة المني، وأنه مع عموم البلوى به وعدم ورود الأمر بتطهيره يبقى على الأصل وهو الطهارة.
وأما كون هذه الرطوبات ناقضة للوضوء فهو قول الجماهير من العلماء، وذهب بعضهم إلى أنها لا تنقض الوضوء وهو قول ابن حزم وترجيح الشيخ العثيمين في أحد قوليه، والراجح عندنا هو مذهب الأئمة الأربعة وعامة العلماء وأن هذه الإفرازات المعروفة برطوبات الفرج ناقضة للوضوء كما هو مبين في الفتوى المحال عليها، ثم إن كان خروج هذه الإفرازات مستمرا بحيث لا تجد المبتلاة بها زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة أو كانت متقطعة لكن كان وقت الانقطاع غير معلوم بأن كان يتقدم تارة ويتأخر أخرى ويحصل تارة ولا يحصل أخرى فحكم المبتلاة بهذه الرطوبات حكم دائم الحدث فتتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها وتصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل حتى يخرج وقت الصلاة، وأما إن لم يكن الأمر كذلك كان خروج تلك الإفرازات ناقضا للوضوء، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 130475، 131120، 122340، ثم إذا شكت المرأة في خروج شيء منها لم يلزمها التفتيش ولا البحث وعملت بالأصل وهو صحة طهارتها لأن يقين الطهارة لا يزول بالشك عند الجمهور، وإذا شكت في وقت خروجها أضافته لآخر وقت يمكن أن تكون خرجت فيه كما وضحنا ذلك في الفتوى رقم: 137209.
والله أعلم.