الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على والدتك- شفاها الله- أن تجاهد نفسها في ما أمرت به من الواجبات، وترك ما نهيت عنه من المحرمات، وعليها أن تستعين بالله تعالى وتكثر اللجوء إليه ودعاءه جل اسمه حتى يرفع عنها ما بها من بلاء، ولتستعن في ذلك بالرقى والتعاويذ المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيها نفع كبير بإذن الله. وليس لها أن تطيع الجن فيما يأمرها به من الفطر في رمضان.
قال علماء الجنة الدائمة: مس الجن الإنسان أمر واقع، وإذا أمر الجني من مسه بمحرم وجب على المصاب أن يتمسك بشرع الله، وأن يعصي الجن في أمره بمعصيته الله وإن آذاه الجني، وعليه أن يتعوذ بالله من شره ويحصن نفسه بقراءة القرآن وبالتعوذات الشرعية وبالأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ منها: الرقية بقراءة سورة الفاتحة. ومنها : قراءة سورة: قل هو الله أحد. والمعوذتين، ثم ينفث في يديه ويمسح بهما وجهه وما استطاع من بدنه، ثم يقرؤها مرة ثالثة وينفث في يديه ويمسح بهما وجهه وما استطاع من بدنه. إلى غير ذلك من الرقية بسور القرآن وآياته وبالأذكار الثابتة. مع اللجوء إلى الله في طلب الشفاء والحفظ من شياطين الجن والإنس. وارجع إلى كتاب "الكلم الطيب" لابن تيمية. وكتاب "الوابل الصيب" لابن القيم. و"الأذكار" للنووي؛ ففيها بيان كثير من أنواع الرقية. انتهى.
فإن فرض أنها فعلت ما تقدر عليه من مجاهدة نفسها ثم لم تتمكن من الصوم فنرجو ألا يكون عليها إثم في الفطر، وعليها أن تقضي هذه الأيام عند قدرتها على القضاء، لأن الظاهر أنها في معنى المريض الذي يرجى برؤه، وقد قال تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. {البقرة:185}، وليست عليها كفارة التأخير ما دامت غير مختارة لتأخير القضاء.
والله أعلم.