الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا زكاة عليك في الشقة التي تسكنها، وكذا في الشقة الأخرى التي تنوي السكن فيها في المدينة الأخرى, ولا زكاة عليك أيضا في الأرض التي اشتريتها لبناء شقة للسكنى لأن هذه كلها ليست من عروض التجارة، والمال الذي دفعته للشركة لتبني لك شقة بمواصفات معينة وتسلمها لك في وقت محدد يدخل فيما يسمى استصناعا، ويجوز فيه تقديم رأس المال أو جزء منه حسب الاتفاق كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 11224.
وقولك عن إحدى الشقتين إنك اشتريتها للتجارة إن كنت تعني بذلك أنك ستؤجرها لتستفيد من ريعها فلا زكاة عليك أيضا في قيمة الشقة، وإنما تجب الزكاة في ريعها إذا بلغ نصابا – بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى أو ذهب أو فضة أو عروض تجارة - وحال عليه الحول, وإن كنت تعني بقولك للتجارة أي أنك تنوي بيعها لأجل الربح فإن الزكاة تجب في قيمة الشقة, فتقومها على رأس الحول الهجري للمال الذي اشتريت به ثم تخرج زكاتها، وهي ربع عشر قيمتها زادت أو نقصت، بغض النظر عن الثمن الذي دفعته في شرائها, ويجب عليك ذلك في كل حول مهما طالت السنون ما دمت قد اتخذتها بنية التجارة ولا تأثير لعدم استلامها؛ لأنها في معنى دين السلم، وقد نص الفقهاء على أن دين السلم إذا كان للتجارة وجبت زكاته. قال في كشاف القناع: ذكر في المنتهى: لا تجب - أي الزكاة - في دين سلم ما لم يكن أثمانا أو للتجارة. اهـ
وحول هذه الشقة هو حول المال الذي اشتريتها به.
وأما عن الأقساط؟ فالأقساط التي عليك جمهور أهل العلم يرون أنك تخصمها مما عندك من مال وتزكي ما فضل، ومذهب الشافعي -رحمه الله- في الجديد وهو اختيار العلامتين ابن باز وابن عثيمين أن الدين لا يخصم من الزكاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعثُ عماله لأخذ الصدقة ولم يكونوا يسألون الناس إن كان عليهم ديون أو لا، وهذا القول أحوط.
والله أعلم.