الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمصدر الأحكام في الإسلام: القرآن والسنة ـ فعن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ـ ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع. رواه أبو داود.
فالسنة حجة بإجماع المسلمين وقد حفظها الله بتقييض العلماء الراسخين الذين وضعوا قواعد قبول الأحاديث وميزوا بين الصحيح والضعيف، وانظر في هذا الفتوى رقم: 28205.
والسنة الثابتة لا يمكن أن تعارض القرآن، فكلاهما وحي من عند الله يجب علينا اتباعه، وانظر الفتوى رقم: 72354.
واعلم أن حكم الرجم للحر المحصن ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال عمر: إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. متفق عليه.
وأما السنة: فأحاديث الرجم للزاني المصحن ثابتة في كتب الحديث التي أجمعت الأمة على صحتها.
وأما الإجماع: فقال النووي: أجمع العلماء على أن الرجم لا يكون إلا على من زنى وهو محصن ـ وسبق بيان صفة المحصن ـ وأجمعوا على أنه إذا قامت البينة بزناه وهو محصن يرجم.
وأما حد الزنا المذكور في سورة النور: إنما هو للأحرار غير المحصنين، وذلك لورود تخصيص حكم الإماء بالآية التي في سورة النساء، فحد الأمة المحصنة إذا زنت نصف حد الحرة البكر ـ أي خمسين جلدة ـ وحكم المحصنين الأحرار مخصوص بالآية التي نسخت تلاوتها، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 33579.
والله أعلم.