الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الوالد أن يعدل في عطيته لأولاده ـ ذكورا وإناثا ـ ولا يجوز له أن يعطي بعضهم ويحرم بعضا، أو يفاضل بينهم في العطية من غير مبرر شرعي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير ـ والد النعمان ـ لما أعطى النعمان دون سائر ولده: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ لَا، قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. متفق عليه.
وفي رواية للبخاري: قال له: يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، فَقَالَ أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا، قَالَ فَلَا تُشْهِدْنِي ـ إِذًا ـ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ. اهـ.
ولذا، ذهب كثير من الفقهاء إلى وجوب العدل بين الأولاد في العطية ـ كما هو مذهب الحنابلة ـ بل ذهب بعضهم إلى أن الهبة الجائرة ترد ولو بعد الممات، وهو المفتى به عندنا، وانظر لذلك الفتوى التالية أرقامها: 101286، 103527، 6242، 126473، عن مذاهب العلماء في كيفية تحقق العدل بين الأولاد في العطية. وإذا عدل أبوك في العطية بين أولاده وبناته ولم يؤثر بعضهم على بعض إلا لمسوغ مما تقدم في الفتاوى المشار إليها وحاز الأولاد الهبة في حياة الأب، فإنها ـ حينئذ ـ تعتبر هبة صحيحة نافذة، ولا حرج على من كان منهم بالغا رشيدا أن يتنازل عن نصيبه، أو بعض منه لمن أراد أن يتنازل له.
والله أعلم.