الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يتبين لنا بوضوح ما تفعلينه مما يؤدي إلى خروج القلس، ولكن إن كان هذا الفعل يؤدي إلى خروج القلس إلى الفم وكنت تعلمين أو يغلب على ظنك أن ذلك سيحدث، فإن هذا يكون من تعمد الاستقاءة، وتعمد الاستقاءة مفطر في قول الجماهير، ولا فرق بين خروج القيء قليلا أو كثيرا، ولا عبرة بكيفية حصول الاستقاءة ما دام ذلك متعمدا. قال الشيخ العثيمين في شرحه: قول الحجاوي: أو استقاء: أي: استدعى القيء، ولكن لا بد من قيء، فلو استدعى القيء، ولكنه لم يقئ، فإن صومه لا يفسد، بل لا يفسد إلا إذا استقاء فقاء، ولا فرق بين أن يكون القيء قليلاً أو كثيراً.
أما ما خرج بالتعتعة من الحلق: فإنه لا يفطر، فلا يفطر إلا ما خرج من المعدة ـ سواء كان قليلاً أو كثيراً ـ لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه.
ذرعه أي: غلبه.
واستدعاء القيء له طرق: النظر، والشم، والعصر، والجذب، وربما نقول السمع ـ أيضاً.
أما النظر: فكأن ينظر الإنسان إلى شيءٍ كريهٍ فتتقزز نفسه ثم يقيء.
وأما الشم: فكأن يشم رائحة كريهة فيقيء.
وأما العصر: فكأن يعصر بطنه عصراً شديداً إلى فوق ثم يقيء.
وأما الجذب: بأن يدخل أصبعه في فمه حتى يصل إلى أقصى حلقه ثم يقيء. انتهى.
وبه تعلمين أنه لا يجوز لك الإقدام على هذا الفعل في الصوم الواجب إذا كنت تعلمين أنه يخرج منك القيء بسببه، لكن إن اضطررت لذلك وخشيت حصول ضرر لو لم تفعلي، فحكمك حكم المريض الذي يباح له الفطر ويلزمك القضاء، فإذا فعلت هذا الفعل ولم يترتب عليه خروج القلس إلى الفم فلا شيء عليك ـ كما مر في كلام الشيخ العثيمين رحمه الله ـ وأما إن ترتب عليه خروج القلس إلى الفم: فقد فسد صومك بذلك ولزمك قضاؤه إن كان صوما واجبا، ولا يكون هذا كمن ذرعه القيء أي غلبه، لأن هذا حصل بفعل واستدعاء منك ـ كما هو واضح ـ وأما ما مضى من الأيام فليس عليك قضاؤه إن كنت تجهلين الحكم، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 127842.
وأما إن كنت عالمة بالحكم: فعليك قضاء جميع تلك الأيام التي حدث فيها هذا.
والله أعلم.