لم تتمكن من مرافقة أبيها بالمستشفى حتى مات فهل أثمت

4-10-2010 | إسلام ويب

السؤال:
أعيش في إحدى الدول العربية منذ 3سنوات، وكنت انتظر أول إجازة بفارغ الصبر والتي لم تأت إلا بعد عامين لظروف ضيق ذات اليد؛ لأنني لا أعمل ودخل زوجي لا يكفى، ورفضه المستمر لعرض أبي بتحمل نفقات النزول، ثم حان الوقت ونزلت الإجازة فلم يمهل القدر والدي الحبيب الفرصة للجلوس معنا، ومرض ودخل المستشفى وتطور الوضع وتدهور بسرعة بالغة إلى أن قابل ربه، وإلى الآن عندي إحساس بالذنب؛ لأني لم أكن أستطيع مرافقته بالمستشفى؛ لأنه لا يسمح لأكثر من 2 بالمرافقة، وكان يرافقه أخي بحكم أنه رجل، وأختي بحكم كونها دكتورة صيدلانية تفهم في الأدوية والتشخيص وخلافه، ولأن أيضا معي طفلين، وممنوع اصطحابهم للخوف عليهم من التقاط اي فيرس ولتعدد المشافي التي نقل إليها وبعدها عن مكان إقامتي، ناهيك عن مدى افتقادي الشديد لوالدي وحزني عليه، ودخولي في نوبات بكاء عند التفكير فيه مع أني مؤمنة بقضاء الله وقدره.
فماذا أفعل عندما تنتابنى نوبات البكاء؟ وما الذي يفيد الميت أن أقرأ القرآن وأهبه الثواب؟ أم الدعاء؟ أم ماذا بالضبط؟ وهل أستطيع أصوم وأصلي أيضا وأهبه الثواب؟ وهل رؤية الميت بالأحلام حقيقة؟ أم هي حديث نفس؟ وهل لتعدد وتغير صورته في الأحلام مثلا تفسير؟ يعنى مرة أراه صغيرا ومرة أراه عجوزا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فأحسن الله عزاءك في والدك، ونسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يرحمه، وجزاك الله خيرا في حرصك على البر به، وليس عليك جناح إن شاء الله في مجرد عدم مرافقتك لوالدك في المستشفى، فإن لم يكن في حاجة إلى من يرافقه فعدم الإثم واضح، وإن كان في حاجة إلى من يرافقه فقد قام بذلك غيرك. ولعلك تؤجرين بمجرد هذه النية، بل إن النية أحيانا قد تكون أبلغ من العمل.

فقد قال أحد السلف: نية المرء أبلغ من عمله، وورد بهذا حديث مرفوع ولكنه ضعيف.

 قال البيهقي في الشعب وهو يبين معنى كون النية خير من العمل: نية المؤمن خير من عمله، لأن النية لا يدخلها الفساد، والعمل يدخله الفساد... وقد قيل: النية دون العمل قد تكون طاعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة".قالوا: والعمل دون النية لا يكون طاعة. اهـ كلام البيهقي.

  وقد ذكرنا بالفتوى رقم: 7893، جملة مما يمكن أن يبر به المرء والديه بعد موتهما، ومن ذلك الدعاء لهما أو القيام بعمل صالح وهبة ثوابه لهما، من قراءة القرآن أو الصلاة أو الصوم ونحو ذلك، فإن هذا جائز على الراجح من أقوال العلماء. والأفضل للمسلم أن يجعل الثواب لنفسه، ويدعو لميته كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وقد نقلنا كلامه بهذا الخصوص بالفتوى رقم: 126509.

  وأما رؤية الميت في المنام، فقد تكون رؤيا حق، وقد تكون حديث نفس أو تلاعبا من الشيطان. ولا علم لنا بتعبير الرؤى، ولذا فلا يمكننا أن نفسر لك ما ذكرت من تغير صورته في الحلم فنرجو المعذرة.

  وأما البكاء على الميت فإنه رحمة، ولكن كوني على حذر من أن يترتب على ذلك نياحة أو ندب، فإن النياحة محرمة كما أوضحنا بالفتوى رقم: 20439، واحذري أيضا من أن يجعل الشيطان هذا الحزن شاغلا لك عما ينفعك من أمور دينك ودنياك. وإن تذكرت فقدك والدك فتسلي بفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا مما يعينك على الصبر، والصبر يعظم به الأجر.

 روى الطبراني عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب عنده. وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده، وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه. واحرصي عند تذكره على الإكثار من الدعاء له بدلا من البكاء عليه.

والله أعلم.

                                                         

www.islamweb.net