الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت ببذلك النصح لتلك الفتاة وأمرك لها بالمعروف ونهيك لها عن المنكر، وإذا كانت لم تستجب لك ولا زالت على هذا المنكر، فقد أحسنت بقطع علاقتك بها، ولا سيما إذا كان يرجى بذلك رجوعها عن المنكر.
جاء في الفروع لابن مفلح: ونقل حنبل: إذا علم من الرجل أنه مقيم على معصية لم يأثم إن هو جفاه حتى يرجع، وإلا كيف يبين للرجل ما هو عليه إذا لم ير منكرا عليه، ولا جفوة من صديق. الفروع و تصحيح الفروع.
وليس عليك إثم –إن شاء الله- في هذه القطيعة ما دامت لله.
قال ابن الجوزي: اعلم أن تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهم من عتب وموجدة أو لتقصير يقع في حقوق العشرة ونحو ذلك، فهذا يحد له ثلاثة أيام ليرجع المقصر عن تقصيره ويرعوي بهجرته فإذا انقضت المدة حرمت الهجرة عليهم ويكفي في قطع الهجرة السلام. كشف المشكل من حديث الصحيحين.
وكذلك لا تكون مقاطعتك لها سبباً لدخولك في الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم
فذلك الوعيد لمن كانت مهاجرته لأمور الدنيا وحظوظ النفس، قال أبو داود:إذا كانت الهجرة لله فليس من هذا بشيء. سنن أبي داوود.
والله أعلم.