الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن أم زوجك لها نصيب من تركته طالما أنها ماتت بعده، ونصيبها السدس لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: ... وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ.. {النساء:11}، وكونها كانت مريضة أو فاقدة لعقلها لا يسقط حقها من الميراث، إذ ليس من شرط الإرث أن يكون الوارث عاقلاً أو صحيحاً، وما دامت قد ماتت فإن نصيبها ينتقل إلى ورثتها من بعدها، وكون أولادها لم يطلبوا نصيبهم من إرثها لا يدل صراحة على تنازلهم فقد يكون المانع لهم من المطالبة الحياء، أو أنهم ينتظرون أن تبادري أنت بإعطائهم نصيبهم ونحو ذلك.
وأما وصية زوجك بأن تنفقي على والدته بعد وفاته فهذه وصية ليست لازمة، سواء أوصى أن تكون تلك النفقة من التركة أو من مالك الخاص، لأنه إن كان يعني أن تنفقي عليها من التركة، فالتركة بعد وفاته تصير للورثة، وإن كان يعني أن تنفقي عليها من مالك الخاص فنفقتها ليست واجبة عليك، سواء كانت فقيرة أو غنية، والأصل أن نفقة أمه تكون من مالها إن كان لها مال - ويتولى الوصي عليها النفقة عليها من مالها - وإن كانت فقيرة فنفقتها على أولادها، ونفقتك عليها لا تخلو من أن تكوني أنفقت عليها من مالك بنية الصدقة كما يشعر به قولك -إكراماً لله ولزوجي- فهذه نفقة لا يجوز لك الرجوع فيها، أو أن تكوني أنفقت عليها من مالك بنية الرجوع، فإن اضطررت إلى النفقة عليها من مالك كأن لم يكن لها مال وامتنع أولادها من النفقة أو كان لها مال ولكن تعسر النفقة منه في ذلك الوقت فلك أن ترجعي بما أنفقته، على قول كثير من أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمذهب مالك وأحمد بن حنبل المشهور عنه وغيرهما: أن كل من أدى من غيره واجباً فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعاً بذلك وإن أداه بغير إذنه... انتهى.
وقال صاحب كشاف القناع من كتب الحنابلة: ولو امتنع زوج أو قريب من نفقة واجبة بأن تطلب منه النفقة فيمتنع فقام بها غيره رجع عليه منفق عليه بنية الرجوع لأنه قام بواجب كقضاء دينه... انتهى.
ثم كون المبلغ في حساب مشترك لا يمنع الإرث، فالمال الذي هو محل الإرث إنما هو نصيب زوجك.
وأخيراً من تنازل من الورثة طائعاً مختاراً وهو بالغ رشيد فإن تنازله صحيح، وانظري الفتوى رقم: 20378 بعنوان -لا أثر للعقل في الميراث- والفتوى رقم: 97300 عن التنازل عن الميراث.. رؤية شرعية اجتماعية.
والله أعلم.