الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت في السنة أن للميزان كفتين، أما اللسان أو وصف سعة الكفتين بأنهما يستوعبان السموات والأرض فلم يأت فيه حديث مرفوع فيما نعلم ولكن وردت آثار، فمن ذلك ما روى اللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة) بإسناده عن سلمان رضي الله عنه قال: يوضع في الميزان، وله كفتان لو وضع في إحداهما السموات والأرض ومن فيهن لوسعه. اهـ. وأسند عن الحسن قال: له لسان وكفتان. اهـ.
وأثر سلمان عزاه السيوطي في (الدر المنثور) لابن المبارك في الزهد والآجري في الشريعة أيضا. وقال: أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: الميزان له لسان وكفتان يوزن فيه الحسنات والسيئات اهـ.
وروى اللالكائي أيضا في (اعتقاد أهل السنة) عن ابن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص .. والميزان حق له كفتان. اهـ.
وقال أبو القاسم الأصبهاني في (الحجة في بيان المحجة): وأن الميزان حق له لسان وكفتان. اهـ.
وقال أبو الحسن الأشعري في (مقالات الإسلاميين): واختلفوا في الميزان، فقال أهل الحق: له لسان وكفتان ..اهـ.
وقال البربهاري في (شرح السنة): والإيمان بالميزان يوم القيامة يوزن فيه الخير والشر له كفتان وله لسان. اهـ.
وقال ابن قدامة في (لمعة الاعتقاد): والميزان له كفتان ولسان. اهـ.
وقال ابن أبي العز الحنفي في (شرح الطحاوية): ثبت أن الميزان له كفتان والله تعالى أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات. اهـ.
وقال ابن جزي في (التسهيل لعلوم التنزيل): مذهب أهل السنة أن الميزان يوم القيامة حقيقة، له كفتان ولسان وعمود توزن فيه الأعمال اهـ.
وقال ابن حجر في (فتح الباري): قال أبو إسحاق الزجاج: أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان ويميل بالأعمال. اهـ.
وقال السفاريني في (لوامع الأنوار البهية): نؤمن بأن الميزان الذي توزن به الحسنات والسيئات حق، قالوا: وله لسان وكفتان. اهـ.
وقال صديق حسن خان في (قطف الثمر): والميزان له كفتان ولسان. اهـ.
وقال ابن عيسى في (شرح النونية): فتوزن الأعمال بميزان له كفتان ولسان. اهـ.
وقال الغزالي في (قواعد العقائد): وأن يؤمن بالميزان ذي الكفتين واللسان وصفته في العظم أنه مثل طبقات السموات والأرض .. اهـ.
ورد القرطبي في (التذكرة) قول من أول الميزان بالعدل والقضاء، فقال: وهذا القول مجاز وليس بشيء وإن كان شائعا في اللغة؛ للسنة الثابتة في الميزان الحقيقي ووصفه بكفتين ولسان وإن كل كفة منهما طباق السموات والأرض اهـ.
فظهر بذلك أن ذكر اللسان مع الكفتين للميزان مأثور عن بعض الصحابة والتابعين، ومشهور عند أهل العلم سلفا وخلفا، حتى قد نقل عليه الإجماع أهل السنة. وأما وصف كفتي الميزان بأنهما كأطباق السماء، فيشهد له ما سبق ذكره عن سلمان: "له كفتان لو وضع في إحداهما السموات والأرض ومن فيهن لوسعه". ونص عليه القرطبي والغزالي، كما مرَّ. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 6754.
والله أعلم.