الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل قد التبس عليه الأمر بين حديثين، فأما الذي هنا، فهو حديث أم العلاء الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ عندما توفي عثمان بن مظعون ـ رضي الله عنه ـ وهو أحد السابقين والمهاجرين، وليس ابنا لها، قالت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقالت: بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري ـ وأنا رسول الله ـ ما يفعل بي؟ قالت: فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً. رواه البخاري وغيره.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك موافقة، لقوله تعالى في سورة الأحقاف: قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ـ وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ـ لأن الأحقاف مكية وسورة الفتح مدنية بلا خلاف فيهما، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنا أول من يدخل الجنة.
وأما التي سألت عن ولدها الذي قتل يوم بدر أفي الجنة هو؟ فهي أم حارثة الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت: يا رسول الله قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإلا فسوف ترى ما أصنع، فقال لها: هبلت، أو جنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في الفردوس الأعلى. رواه البخاري وغيره.
والله أعلم.