الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام الأمر كما وصفت فإنه لا يمكن اعتبار مجموع هذه الأيام التي رأيت فيها الدم بعد مجاوزة الأربعين حيضا فتبين بذلك أنك مستحاضة، والواجب عليك ـ إذن ـ هو ما يجب على المستحاضة فترجعين إلى عادتك السابقة فتعتبرين ما ترينه فيها من الدم حيضا، ثم تغتسلين بعد انقضاء هذه الأيام غسلا واحدا وتفعلين ما تفعله المستحاضة من الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل مع التحفظ بشد خرقة، أو نحوها على الموضع، ولك بعد هذا جميع أحكام الطاهرات حتى تأتي أيام عادتك فتجلسينها على ما مر.
وأما ما مضى من الأيام التي رأيت فيها الدم: فما وافق منها زمن عادتك فمحكوم بكونه حيضا وما لم يوافق زمن العادة فهو استحاضة، فما كان محكوما بكونه حيضا لا يلزمك قضاء الصلوات التي تركتها فيه، لأن الحائض لا تصلي.
وأما ما كان محكوما بكونه استحاضة: فيلزمك قضاء ما تركته من صلوات في ذلك الوقت ظانة أنه حيض، فإن تلك الصلاة دين في ذمتك لا تبرئين إلا بقضائها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى.
متفق عليه.
وأما الصيام: فيجب عليك قضاؤه بكل حال، ثم إن كان صومك في أول الشهر قد وقع في الأيام المحكوم بكونها استحاضة فهو صحيح، وإن كان وقع في الأيام المحكوم بكونها حيضا فهو غير صحيح ويلزمك قضاؤه، وليس عليك كفارة.
وأما خوفك من جفاف الحليب: فالظاهر أنه عذر يبيح لك الفطر، ولكن يجب عليك القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم في قول كثير من العلماء، لأن هذا الفطر كان خوفا من تضرر الطفل، وانظري لبيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا الفتوى رقم: 113353.
وليس مجرد الشعور بالتعب، أو المشقة التي تحتمل عادة عذرا مبيحا للفطر، وإنما يباح الفطر لخوف حصول ضرر من مرض، أو نحوه، أو مشقة غير محتملة، وإذا كنت قد دفعت تلك الكفارة فقد أجزأك ذلك، فإن الكفارة يجوز دفعها قبل القضاء وبعده ومعه ولا حرج في ذلك، ولتراجع الفتوى رقم 57473.
والله أعلم.