الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللوح المحفوظ هو الكتاب الذي أمر الله القلم أن يكتب فيه مقادير الخلائق، أي ما هو كائن إلى يوم القيامة، وأما حقيقة هذا الكتاب وما هيته فلا يعلمها إلا الله.
والشقاوة والسعادة التي يكتبها الملك عند نفخ الروح المراد بها شقاوة أو سعادة الآخرة لا الدنيا.
واعلم أن المسلم لا يقبل إسلامه ولا يصح إيمانه إلا بالإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين:
فالدرجة الأولى: الإيمان بأن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه الموصوف به أزلاً وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله هذا التقدير التابع لعلمه في اللوح المحفوظ.
والدرجة الثانية: هي الإيمان بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السماوات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، وأنه سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وأنه ما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا والله سبحانه خالقه، لا خالق غيره ولا رب سواه.
ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته وهو سبحانه يحب المتقين ويرضى عن المؤمنين ولا يحب الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفحشاء، ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد.
والعباد هم فاعلون حقيقة للطاعة أو المعصية، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر، فللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم كما قال سبحانه: (لمن شاء منكم أن يستقيم) وقال: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) وأما قولك كيف يحاسب الله على ما قدره لك فانظر جواب رقم:
8652 5492 2847.
ولمعرفة القدر المعلق الذي يؤثر فيه الدعاء فانظر الجواب رقم: 12638.
والله أعلم.