الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسلم لا يسوغ له أن يحدد في باب العبادات ما لا يوجد له دليل من الشارع، وتحديد قراءة سورة، أو آية معينة بعدد معين لغرض معين لا يصح إلا إذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا مجال للرأي في هذا المعنى، والله عز وجل لا يقبل من العبادة إلا ما كان خالصاً لوجهه موافقاً لشرعه، وليست البدعة مما يتقرب به إلى الله عز وجل ليجيب الدعاء، وسورة يس كغيرها من القرآن الكريم تقرأ للاستعانة بها على قضاء الحوائج ونحو ذلك، لما في الحديث: من قرأ القرآن فليسأل الله به. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: فليسأل الله به ـ أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة ـ أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة فليسألها من الله تعالى، وإما أن يدعو الله عقيب القراءة بالأدعية المأثورة.اهـ.
ولا يجوز تقييد ذلك بعدد معين لم يرد الشرع بالتقييد به، وأشد من ذلك تقطيعها وتكرار كلمات منها لا تستقل بالفائدة بنفسها مثل: على صراط مستقيم، فإن عمل هذا لا يشك في كونه من البدع، وإن من المقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر لم يرد به نص من الشرع ففعله والتقرب به إلى الله من البدع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه مسلم.
والإمام الشاطبي قد عرف البدعة في كتابه الاعتصام بأنها عبارة: عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ـ ثم ضرب أمثلة لذلك فقال: ومنها: التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد. ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة.... إلخ.
والله أعلم.