الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وصف الله سبحانه الجنة بوصف جامع شامل فقال في محكم التنزيل: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {الزخرف:71}.
وقد سبق بيان هذا بشيء من التفصيل في الفتوى رقم: 124381.
فعليك – أيها السائل - أن توقن بوعد الله سبحانه وتصدق به، ثم عليك أن تجتهد بعد هذا في العمل الصالح الذي يقرب من رضوان الله وجنته, فإذا منّ الله عليك بدخول الجنة فاعلم أن لك فيها فوق ما تتمنى وتشتهي.
وأما عدم تخيلك لأطمعة الجنة فنقول قد ضرب الله سبحانه مثلا لنعيم الجنة وملذاتها بنعيم الدنيا وملذاتها مع أن الفارق بين النعيمين عظيم، قال سبحانه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ {محمد:15}.
فانظر إلى كل نعيم في الدنيا وفرح وسعادة ففي الآخرة ما يشبهه ولكن على وجه يليق بقدر الجنة وبقوله سبحانه في وصف نعيم أصحابها: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ {السجدة:7}.
وأما بخصوص ما أصابك من مرض وحرمان فعليك أن تصبر عليه وترضى بقضاء ربك لك فإن قضاءه سبحانه هو الخير لعبده المؤمن, وهو جل وعلا يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، ولا تكثر الشكوى، بل أكثر من الدعاء والتضرع بين يدي الله عز وجل برفع الضر عنك فإنه سميع قريب.
وقد جاء في الحديث الذي رواه الحاكم وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من إساري ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يستأنف العمل.
وعند مالك مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين فقال انظروا ما يقول لعواده فإن هو إذا جاؤوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته.
والله أعلم.