الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا وجه للتعارض البتة بين وزن الأعمال يوم القيامة وبين الحديث المذكور، فإن هذا الذي ساءت خاتمته توزن أعماله جميعها فترجح كفة سيئاته لما ختم له به من الشر، والعكس بالعكس، فلا منافاة إذاً.. واعلم أنه إنما تسوء خاتمة من كانت في عمله آفة خفية وكان منطوياً على دخيلة شر وسريرة سوء.
وأما سنة الله المطردة فهي أنه يوفق من أطاعه وييسره لليسرى، ويخذل من خالف أمره وييسره للعسرى إلا أن يتداركه برحمته ويمن عليه بالتوبة قبل مجيء أجله وذلك فضله يؤتيه من يشاء.
قال ابن القيم رحمه الله: وأما كون الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فإن هذا عمل أهل الجنة فيما يظهر للناس ولو كان عملاً صالحاً مقبولاً للجنة قد أحبه الله ورضيه لم يبطله عليه. وقوله لم يبق بينه وبينها إلا ذراع يشكل على هذا التأويل فيقال لما كان العمل بآخره وخاتمته لم يصبر هذا العامل على عمله حتى يتم له بل كان فيه آفة كامنة ونكتة خذل بها في آخر عمره فخانته تلك الآفة والداهية والباطنة في وقت الحاجة، فرجع إلى موجبها وعملت عملها ولو لم يكن هناك غش وآفة لم يقلب الله إيمانه، لقد أورده مع صدقه فيه وإخلاصه بغير سبب منه يقتضي إفساده عليه، والله يعلم من سائر العباد ما لا يعلمه بعضهم من بعض. انتهى. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 58553.
والله أعلم.